جداً أن تجد حاملاً يمكن ضبط صفاتها مع حملها، وإن أطلقت فقلت: حامل فقط فلا صفة؛ لأن الحامل إن أردت أن تصفها وتصف حملها فهذا متعذر، وإن أطلقت فهذا فيه غرر؛ لأن هناك فرقاً بين الحامل الكبير حملها والحامل الصغير حملها.
وعُلمَ من قوله:«والحامل من الحيوان» أنه يصح السلم في الحيوان؛ لأنه يمكن انضباط صفاته، ولهذا أمر النبي ﷺ عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄:«أن يأخذ على إبل الصدقة البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة»(١)، وهذا عكس السلم، لكن يدل على جواز البيع بالصفة بالنسبة للحيوان.
وهل يشمل الحاملُ من الحيوان الأنثى من بني آدم إذا كانت حاملاً؟ نعم يشمل؛ لأن الإنسان يسمى حيواناً، لكنه حيوان ناطق، إذ أن الحيوان ما فيه الروح، لكن لا بد أن تقيّده بالنسبة للآدمي بقولك ناطق، ولهذا يعتبر قول القائل: يا حيوان، لواحد من البشر سبّاً يعزر عليه؛ لأن الإنسان ليس بحيوان مطلقاً.
قوله:«وكل مغشوش» لا يصح السلم فيه، وهذا ـ أيضاً ـ يقال فيما سبق، فإنه كانت توجد فضة مغشوشة وذهب مغشوش، ولا يعلم قدر الغش، أما الآن فإن قدر الغش معلوم يحكم عليه
(١) أخرجه الإمام أحمد ٢/ ١٧١، وأبو داود في البيوع/ باب في الرخصة في ذلك (٣٣٥٧)، والحاكم ٢/ ٥٦، والبيهقي (٥/ ٢٨٧) عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه البيهقي، قال الحافظ في الدراية (٢/ ١٥٩) في إسناده اختلاف، لكن أخرجه البيهقي من وجه آخر قوي، وحسنه الألباني في الإرواء (٥/ ٢٠٥).