للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفصَّل في الوُضُوء عُلِمَ أنَّه ليس بواجب علينا أن نغتسل على صفة معيَّنة.

الثاني: حديث عِمران بن حصين الطويل، وفيه أنَّ النبيَّ قال للرَّجُل الذي كان جُنباً ولم يُصلِّ: «خُذْ هذا وأَفرِغْه عليك» (١)، ولم يُبيِّن له النبيُّ كيف يُفرغه على نفْسِه، ولو كان الغُسْل واجباً كما اغتسل النبيُّ لبَيَّنه له؛ لأنَّ تأخير البَيَان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز.

فإن قيل: لعلَّ هذا الرَّجُل يعرف كيفيَّة الغُسل.

أُجيب بجوابَين:

الأول: أنَّ الأصْلَ عدم معرفته.

الثاني: أنَّ ظاهر حاله أنه جاهلٌ، بدليلِ أنَّه لم يَعْلَمْ أنَّ التَّيمُّم يُجزئ عن الغُسل عند عدم الماء.

والحاصل: أن الغُسْلَ المجزئ أن ينويَ، ثم يسمِّيَ، ثم يعمَّ بدَنَه بالغُسل مرَّة واحدة مع المضمضة والاستنشاق (٢).

ولو أن رَجُلاً عليه جنابة، فنوى الغُسْل، ثم انغمس في بِرْكة ـ مثلاً ـ ثم خرج، فهذا الغُسْل مجزئ بِشَرط أنْ يتمضمض ويستنشق.

ولو أنَّه أراد الوُضُوء بعد أن انغمس فلا يجزئ إِلا إِن خَرَج مرتِّباً، لأن التَّرتيب فرْضٌ على المذهب (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب التيمم: باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، رقم (٣٤٤)، وأصله في مسلم، كتاب المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة، رقم (٦٨٢).
(٢) انظر: «المغني» (١/ ٢٨٩ ـ ٢٩٢).
(٣) انظر: ص (١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>