الحديث فيه أن النبي ﷺ قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال:«من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم»(١)، فكأنه أراد أن يقول هذا الأجل الذي تجعلونه لا بد أن يكون معلوماً، فليس نصاً في اشتراط الأجل، وبناء على هذا القول قالوا يجوز السلم حالاً، وهذا قول لبعض أهل العلم.
وأما اشتراط أن يكون له وقع في الثمن، فليس في الحديث ما يدل عليه، ففي الحديث:«إلى أجل معلوم»، وليس فيه قيد أن يكون له وقع في الثمن؛ ولذلك لم يشترطه كثير من الفقهاء، وقد تبين أن اشتراط أن يكون له وقع في الثمن مبني على تعليل، والتعليل ينظر فيه هل يكون صحيحاً فيقبل أو غير صحيح فلا يقبل؟ فمن نظر إلى ظاهر الحديث قال: هذا لا دليل عليه، ومن نظر إلى العلة التي من أجلها شرع السلم، قال: هذا الاشتراط لا بد منه؛ لأنه إذا كان من الصباح إلى المساء والأسعار لا تختلف في هذه المدة القصيرة فلا فائدة من السلم، فهو في الحقيقة كالذي ليس له أجل، وعلى كل حال فمثل هذه المسائل إذا لم يتبين فيها الدليل من الجانبين، فهل نراعي الأحوط أو نأخذ بالرخصة؟ قد يقال إن مراعاة الأحوط أحسن لا سيما إذا كان هذا الأحوط هو الذي يكون فيه الحكم إذا رفعت القضية إلى المحكمة؛ لأنك إذا صححت هذا الشيء، والحكم المشهور بين الناس خلاف ما صححت يؤدي إلى مفاسد في المستقبل، هذه