أما أخذ العوض هنا إذا اعتاض عنه بغير النقود فلا يجوز؛ وذلك نظراً لأنهم جاؤوا بعبارتين فلا بد أن ننزل كل واحدة على معنى يخالف الأخرى حتى لا يكون في ذلك تكرار، فنقول: ولا أخذ عوضه فيما إذا اعتاض عنه ما ليس بنقد، فلا يجوز، أي: لو أنه لما حل الأجل قال المسلِم للمسلَم إليه: في ذمتك لي مائة صاع بر، وأريد أن تعطيني شعيراً أو أرزاً فإن هذا لا يصح؛ لأنه حوله وصرفه إلى غيره، ولحديث:«من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره»(١)، لكن كما سبق أن هذا الحديث غير صحيح، وعليه فإذا أخذ عوضه فلا بأس لكن بالشروط الثلاثة السابقة.
قوله:«ولا يصح الرهن والكفيل به» أي: لو أن المسلم قال للمسلم إليه: أنا أريد أن ترهنني شيئاً أتوثق به، فقال: أرهنك نخلي، أو أرهنك سيارتي، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يصح؛ لأنه عند تعذر الوفاء يرجع المسلم إلى هذا الرهن، فيكون قد صرف السلم إلى غيره.
وكذلك لا يصح أخذ الكفيل به؛ لأنه إذا تعذر الوفاء من المكفول أخذ من الكفيل، وحينئذ يكون المسلم فيه قد صُرف إلى غيره، وهذا ضعيف أيضاً؛ لأنه إذا تعذر الاستيفاء من المكفول وأخذته من الكفيل لم أصرفه إلى غيره، صحيح أنه انتقل من ذمة إلى ذمة، وأما المسلم فيه فهو نفسه لم أصرفه إلى غيره.
فالصواب إذاً جواز أخذ الرهن والكفيل والضمين به، كلها جائزة؛ لأنه ليس فيها محظور ولا ربا ولا ظلم ولا غرر ولا جهالة، وهذه عقود توثقة والأصل في العقود الحل.