مسألة: إذا طالبه بها ببلد آخر وليس معه شيء فهو معسر، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠]، فإن قال المقرض: نعم هو الآن ليس معه إلا مقدار نفقته فقط، لكنه غني يستطيع أن يذهب إلى أي دكان ويقول: أقرضني، فلا يجوز له مطالبته؛ لأنه إذا طلبه فإنه لا يوفي إلا بعد إشغال ذمته.
قوله:«وفيما لحمله مؤونة قيمته» يعني إذا أقرضه شيئاً لحمله مؤونة فله القيمة في بلد القرض.
مثال ذلك: أقرضه مائة صاع بر في مكة وطالبه بها في المدينة، ومن المعلوم أن مائة صاع بر لحملها مؤونة، فيقول المقترض: لا يلزمني، ومكان الوفاء هو بلد القرض، وهذه لحملها مؤونة يشق علي فلا يلزمه أن يوفي.
وظاهر كلام المؤلف ﵀ أنه لا فرق بين أن يكون المُطَالَبُ به قيمته مساوية لبلد القرض أو مخالفة، إلا أنه استثنى فقال:
«إن لم تكن ببلد القرض أنقص» والصواب: «أكثر»؛ لأنه إذا كانت أنقص فلا ضرر عليه، فمن باب أولى أن تجب القيمة.
مثال ذلك: أقرضه مائة صاع بر في مكة، وطالبه بها في المدينة، وقيمتها في مكة مائتا ريال، وقيمتها في المدينة ثلاثمائة ريال، فهنا يلزمه الوفاء في المدينة؛ لأنه لن يوفي برّاً، بل له القيمة في بلد القرض، ففي بلد القرض القيمة مائتان، وفي المدينة القيمة ثلاثمائة، فنقول: سلم مائتين الآن؛ لأنه ليس عليك