(أن الأصل في المعاملات الحل والصحة ما لم يوجد دليل على التحريم والفساد)، وهذا من نعمة الله، أن الطريق الموصل إلى الله ـ أي: العبادات ـ الأصل فيها المنع، حتى يقوم دليل على أنها مشروعة، وأما المعاملات بين الناس، فمن رحمة الله وتوسعته على عباده، أن الأصل فيها الإباحة والحل، إلا ما ورد الدليل على منعه، وعلى هذا فنقول: ما المانع من أن نوثق الدين بالدين؟! ما دام ليس فيه ظلم ولا غرر ولا رباً فالأصل الصحة.
والرهن من عقود التوثقات، وعقود التوثقة ثلاثة أشياء: الشهادة والرهن والضمان ومنه الكفالة أيضاً.
وكلها في القرآن، أما الشهادة فقول الله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وأما الرهن فقوله: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، وأما الضمان والكفالة فقوله: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]، أي كفيل وضامن، فهذه الأمور الثلاثة يكون بها توثق صاحب الحق لحقه؛ ولهذا من التفريط أن تتعامل مع شخص بدون شهادة ولا رهن ولا ضمان.
قوله:«يصح في كل عين يجوز بيعها» بيَّن المؤلف ما الذي يصح رهنه، وربما نأخذ من ذلك ـ أيضاً ـ حكم الرهن.
فالأصل في الرهن الصحة كما قلنا، ودليله من كتاب الله، وسنة رسول الله ﷺ، والإجماع، والنظر الصحيح، فأدلته أربعة:
أما الكتاب: فقال الله ـ تعالى ـ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣].
وأما السُّنة فقال النبي ﷺ: «الظهر يُركب بنفقته إذا كان