كان على سفر ولم يجد كاتباً فإنه يحتاج إلى الرهن أكثر، ولذلك الذين قالوا: إن الرهن لا يصح إلا في السفر تناقضوا، فقالوا: يصح في السفر ولو مع وجود الكاتب مع أن الله يقول: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾؛ فالصحيح ـ ما أشار إليه المؤلف ـ الجواز مطلقاً.
وقوله:«يصح في كل عين يجوز بيعها» فما لا يصح بيعه لا يصح رهنه، إلا ما سيأتي من رهن الثمرة قبل بدو صلاحها، والزرع قبل اشتداد حبه، فإنه يجوز رهنه مع أن بيعه في هذه الحال غير جائز.
إذاً القاعدة:«كل عين يجوز بيعها يجوز رهنها وما لا فلا».
المثال الأول: إنسان أراد أن يستدين، فقال له الدائن: لا أديِّنك إلا إذا رهنتني ولدك، فقال: لا بأس أرهنك ولدي، فهذا لا يصح؛ لأن الولد لا يصح بيعه.
المثال الثاني: إنسان بدوي عنده ماشية وله كلب يحرس هذه الماشية، فجاء إلى إنسان وقال: أريد أن تقرضني ألف ريال، قال: لا أقرضك إلا برهن، قال: أرهنك كلبي، فهذا لا يصح؛ لأن الكلب لا يصح بيعه، فإذا كان لا يصح بيعه فما فائدته، فلا يكون فيه توثقة، فإذا كانت العين لا يصح بيعها فلا فائدة في رهنها إطلاقاً؛ لأنه إذا حل الدين، وأراد صاحب الدين أن يبيع الرهن ليستوفي حقه، صار الرهن ممنوعاً بيعه فلا يستفيد.
المثال الثالث: إنسان عنده بيت موقوف عليه وعلى ذريته، فأراد أن يستدين من آخر، فقال: لا بد من رهن، قال: أرهنك