للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان الراهن، ولكن يشترط في ذلك أن يكون بلا تعدٍّ ولا تفريط، فإن كان بتعدٍّ أو تفريط صار هناك ضامن آخر، وهو العدل الذي وُكِل من قبل الطرفين.

مثاله: باع العدل الرهن وقبض الثمن، ثم شب حريق في البيت وتلف الثمن، فهنا المرتهن يرجع على الراهن، ولا إشكال، ولا يرجع الراهن على العدل؛ لأنه تلف بلا تعدٍّ ولا تفريط.

مثال آخر: قبض العدل الثمن، ووضعه على عتبة المحل، ثم نسي وذهب يصلي، فأتى وقد سُرق، فالضمان للمرتهن على الراهن، والراهن يرجع على العدل؛ أما رجوع المرتهن على الراهن فظاهر؛ لأن الدين في ذمته وهو لا يعرف إلا الراهن، وأما رجوع الراهن على العدل؛ فلأنه فرَّط؛ لأن هذا ليس حفظاً للمال، فالأموال المهمة توضع في الصندوق؛ لأن الإنسان معرض للنسيان، وهذه ـ أيضاً ـ مسألة ينبغي للإنسان أن يسير عليها في حياته، وقد نبهنا عليها، وهي أن يبدأ الإنسان بالأهم، وذكرنا هذا في حديث عتبان بن مالك أن الرسول لما جاء إليه قال: أين تريد أن تصلي؟ وقد صنع له طعاماً ولكنه لم يبدأ بالطعام؛ لأنه إنما جاء ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى (١)، وذكرنا ـ أيضاً ـ أنه لما بال الصبي في حجره دعا بماء فأتبعه إياه (٢) فالإنسان لا يفرط، فلا يقول: أترك


(١) أخرجه مسلم في الإيمان/ باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً (٣٣)، عن عتبان بن مالك .
(٢) رواه البخاري في الوضوء/ باب بول الصبيان (٢٢٢)، ومسلم في الطهارة/ باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله (٢٨٦) عن عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>