للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأت به أخذه المرتهن قهراً، سواء يساوي الدين أو أكثر أو أقل، هذا الذي يقال: إنه غلق من صاحبه، وكانوا في الجاهلية إذا رهنوا الشيء وحل الأجل ولم يوفوا امتلكه المرتهن، وأخذه ملكاً له، رضي الراهن أم لم يرض، فهذا لا شك أنه إغلاق للرهن، وتَمَلُّكٌ له بغير حق، وأما إذا كان باختيار صاحبه فإنه لم يغلق عليه أحد.

وأما التعليل بأن البيع المعلق لا يصح فيحتاج إلى دليل، فما الدليل على أن البيع المعلق غير صحيح؟ فصار هذا التعليل غير صحيح والاستدلال غير صحيح، فنرجع إلى الأصل، والأصل في العقود وشروطها الجواز والصحة؛ لقول الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، وهذا يشمل الوفاء بالعقد أصله وشرطه، ولقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: ٣٤]، والشرط عهد، ولقول النبي : «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» (١)، فعلم منه أن الشرط الذي لا ينافي كتاب الله صحيح، ولقول النبي : «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» (٢). فهذه أربعة أدلة من الكتاب والسنة، مع بطلان ما استدل به الأصحاب .

وحينئذٍ يكون القول الثاني أن هذا الشرط صحيح، فإذا قال الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك في وقت كذا، وإلا فالرهن لك، وقبل فهو صحيح، وبهذا أخذ الإمام أحمد في


(١) سبق تخريجه ص (١٠٠).
(٢) سبق تخريجه ص (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>