للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك ـ أيضاً ـ يقبل قول الراهن مع يمينه، فلا بد أن يحلف؛ لقول النبي : «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» (١)، ونحن الآن عندنا طرفان، الطرف الأول الراهن ينكر أن يلزمه خمسة آلاف.

والطرف الثاني المرتهن يدعي أن له خمسة آلاف.

نطبق على الحديث: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» (٢)، فنقول: القول قول الراهن بيمينه، وأما المرتهن فلا نقبل قوله إلا بالبينة.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون الدين الذي ادعاه الراهن قريباً من قيمة الرهن أو بعيداً.

فلو رهنه سيارة بدين، ولما حل الدين جاء الراهن إلى المرتهن بمائة ريال، فقال المرتهن: الدين خمسة آلاف ريال، فقال: لا، بل مائة ريال، فهنا عندنا أصل وعندنا ظاهر.

فالأصل عدم ثبوت ما ادعاه المرتهن؛ لأن الراهن ينكره، فيقول: أبداً لا يلزمني إلا مائة ريال.

والظاهر ثبوت ما ادعاه المرتهن في هذه الصورة؛ إذ لم تجر العادة أن شخصاً يرهن سيارة تساوي خمسين الفاً بمائة ريال، فإذا كان هناك ظاهر وأصل، فكلام المؤلف ظاهره ما ذكرناه من أنه لا فرق بين أن يكون الدين الذي ادعاه الراهن قريباً من قيمة الرهن أو بعيداً، لكن إذا أردنا أن نطبقها على قواعد الشريعة، فإننا نقدم الأقوى من الظاهر أو الأصل، ولهذا لو ثبت ببينة أخذنا بما قالت البينة، ولو كان الراهن قد ادعى أقل.

وعلى هذا نقول: إن الظاهر يكذب قول الراهن، فيكون الأصل مع المرتهن.


(١) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٥٢)، وقال الحافظ في البلوغ (١٤٠٨): إسناده صحيح، وأصله في الصحيحين من حديث ابن عباس بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه.
(٢) سبق تخريجه ص (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>