مثاله: إنسان رهن بقرة وصار المرتهن يحلبها، فنقول: لك أن تحلبها بقدر النفقة، فإذا كان ثمن حليبها مائة في الأسبوع، ونفقتها في الأسبوع مائة، ففي هذه الحال لا له ولا عليه، وإن كان الحليب يساوي مائتين في الأسبوع، والنفقة مائة دفع للراهن مائة، لكن هذه المائة تكون رهناً؛ لأنها من نمائه، وإن كان بالعكس النفقة مائتان، واللبن يساوي مائة، فإنه يرجع على الراهن بما زاد على ثمن الحليب.
فإذا قال قائل: ما الدليل، وما الحكمة؟
قلنا: الدليل قول النبي ﷺ: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدَّرِّ يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة»(١).
ولو قال قائل: ظاهر الحديث، أن اللبن في مقابل النفقة وأن الركوب في مقابل النفقة سواء كان أكثر أو أقل؟
الجواب: أن هذا ليس ظاهر الحديث، فالحديث يقول:«بنفقته»، فإما أن نجعل الباء للعوض، وإما أن نجعلها للسببية، فإن جعلناها للعوض فالأمر ظاهر في أنه لا يأخذ أكثر من النفقة، وإن جعلناها للسببية فكذلك؛ لأن السبب لا يتجاوز موضعه، فيقال: إن الباء هنا للسببية، والسببية لا تتجاوز موضع المسبب، وعلى كل تقدير فإن الركوب والحلب يكون بقدر النفقة.
أما الحكمة فلأن الحيوان يحتاج إلى نفقة، فيحتاج إلى طعام، وشراب، وظلال، وتدفئة في أيام الشتاء، ولو قلنا: بأن المرتهن