للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد فإنه لا يصح، ومعلوم أنه إذا كان مقتضى العقد مطالبة الرجلين جميعاً، فإنه إذا شرط ألا يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه صار منافياً لمقتضى العقد، ولكن الصحيح ـ حتى لو قلنا: بأن له مطالبة الرجلين ـ أنه إذا اشترط الضامن ألا يطالبه إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه، فالصحيح أنه شرط صحيح؛ لعموم قوله: «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» (١)، وهذا الشرط لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، وغاية ما هنالك أن صاحب الحق أسقط مطالبة الضامن باختياره، فقد أسقط حقاً جعله الشارع له ولا ينافي الشرع.

وعلم من كلام المؤلف أن المضمون عنه لا تبرأ ذمته لو التزم به الضامن؛ لأنه قال: له مطالبتهما جميعاً.

وقال بعض العلماء: إذا ضمن عن الميت برئت ذمة الميت؛ لأن الميت لا ذمة له، فإذا ضمن عنه صارت الذمة واحدة وهي ذمة الضامن؛ لأن ذمته عامرة بخلاف الميت.

واستدلوا لذلك بأن النبي لما ضمن أبو قتادة الدينارين عن الميت تقدم وصلى عليه، وقال: «حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم» (٢)، فهذا يدل على أنه إذا ضمن ميتاً برئت ذمة الميت، كما قلنا في الرهن: إنه إذا مات الميت وعليه دين برهن يوفي فإن ذمته بريئة، وهذا القول لا شك


(١) سبق تخريجه ص (١٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٣٣٠) والحاكم (٢/ ٥٨) وصححه، والبيهقي (٦/ ٧٥) عن جابر ، وحسنه الهيثمي في المجمع (٣/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>