أن الضمان عقد تبرع وليس عقد معاوضة، وعقد التبرع يسامح فيه ما لا يسامح في عقد المعاوضة؛ ولهذا جازت الجعالة مع أن العمل فيها مجهول؛ لأنها تشبه عقد التبرع، وجاز هبة المجهول على القول الراجح؛ لأنها تبرع.
وعُلم من قوله:«إذا آل إلى العلم» أنه إذا لم يؤل إلى العلم فإنه لا يجوز، كضمان متلفات لشخص لا يدري ما هي.
مثاله: أتلف إنسان متلفات عظيمة، فقيل له: ما هي؟ قال: لا يحضرني، فلا أدري تساوي مليوناً، أو عشرة ريالات، ولا يمكن أن نعلم بها، فهذا مجهول لا يمكن العلم به، فلا يصح ضمانه؛ لأن الضامن لا يدري ماذا يؤدي؟ حتى لو جاءه من أتلفت له هذه المتلفات، وقال: أنا أطالب، قيل له: حدد وعين، فلا بد من أن يكون هذا المجهول مآله إلى العلم.
قوله:«والعواري» العواري جمع عارية، وهي إباحة نفع العين لمن ينتفع بها ويردها.
مثاله: جاء إنسان يستعير سيارة من شخص ليسافر بها إلى بريدة، فقال صاحب السيارة: أنا أريد ضامناً يضمن السيارة لي، قال: هذا فلان يضمن فيصح.
مثال آخر: إنسان أتى يستعير كتاباً من شخص، فقال: أنا أريد أن تأتي بضامن يضمن الكتاب، فيصح هذا؛ لأن العارية مضمونة فإذا كانت مضمونة، صارت آيلة إلى الوجوب، أي: إلى وجوب الضمان، بمعنى أن الإنسان إذا استعار شيئاً فتلف، فالمستعير ضامن على كل حال سواء فرط، أو تعدى، أو لم