له سلطة، فهو ـ مثلاً ـ أمير قومه، وهذا الرجل من قومه، ويستطيع أن يحضره، وَتَعَذُّر إحضاره أمر طارئ، وإلا فالأصل أن هذا الكفيل قادر على إحضاره، وبناءً على هذا يمكن أن يفرق بين شخص له القدرة التامة على إحضار بدن من عليه حد، وبين شخص عاديٍّ لا يستطيع، فالأول قد يقال: بصحة كفالته، والثاني: لا تصح بلا شك.
والمشهور من المذهب ـ الذي مشى عليه المؤلف ـ أنه لا تصح كفالةُ مَنْ عليه حَدٌّ بأي حال من الأحوال؛ والعلة في ذلك ما ذكرنا وهي تعذر الاستيفاء من الكفيل، لو تعذر الاستيفاءُ من المكفول.
قوله:«ولا قصاص» أي: من عليه قصاص، أي: أن يكون قاتلاً وطالب أولياء المقتول بقتله وثبت ذلك، وأردنا أن نقتله، فقال: ذروني أذهب إلى أهلي، وأكتب وصيتي، وأخبرهم بما عليّ من الديون وغيرها، ثم أرجع، فقيل له: من يكفلك؟ قال: يكفلني فلان، فلا يصح؛ لأنه لو تعذر حضور هذا الذي وجب عليه القصاص لم نتمكن من استيفائه من الكفيل، لكن يلاحظ أن القصاص أهون؛ لأنه إذا تعذر القصاص رجعنا إلى الدية، والدية يمكن أن يقوم بها الكفيل، ولهذا من صحح الكفالة في الحد فيمن يستطيع إحضار المكفول، فإنه يصحح الكفالة فيمن عليه قصاص من باب أولى؛ وذلك لأنه إذا تعذر القصاص لعدم حضور المكفول فإنه يمكن أن يعاد إلى الدية.