للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَنُه باستعماله الماءَ صار مريضاً، فيدخل في عموم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ الآية [المائدة: ٦].

كما لو كان في أعضاء وُضُوئه قُروح، أو في بَدَنِه كُلِّه عند الغُسْل قُروح وخاف ضَرَر بَدَنِه فله أن يتيمَّم.

وكذا لو خاف البرْد، فإِنه يُسخِّن الماء، فإِن لم يَجِد ما يسخِّن به تيمَّم؛ لأنَّه خَشِيَ على بَدَنِه من الضَّرر، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩]. واستدلَّ عمرو بن العاص بهذه الآية على جواز التَّيمُّم عند البَرْد إِذا كان عليه غُسْل (١).

وقوله: «أو طلبِه ضرَرَ بدنِهِ»، أي: خاف ضَرَرَ بَدَنِه بطلَبِ الماء، لبُعْدِه بعض الشيء، أو لِشدَّة برودة الجَوِّ، فيتيمم.

والدَّليل على هذا قوله : ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وقوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]، وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، وخَوْفُ الضَّرر حَرَجٌ، وقوله : «لا ضَرَرَ، ولا ضِرَار» (٢).


(١) رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، كتاب التيمم: باب «إذا خاف الجنب على نفسه المرض … » رقم (٣٤٥)، ووصله أبو داود والحاكم. قال ابن حجر: «وإسناده قويٌّ؛ لكنه علَّقه بصيغة التمريض لكونه اختصره». «الفتح» شرح ترجمة الباب المذكور.
(٢) رواه أحمد (٥/ ٣٢٦ ـ ٣٢٧)، وابن ماجه، كتاب الأحكام: باب من بنى في حقِّه ما يضرّ بجاره، رقم (٢٣٤٠) من حديث عبادة بن الصامت.
ورُوي أيضاً من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وعائشة وغيرهم. قال النووي: «حديث حسن … وله طرق يَقْوَى بعضها ببعض». قال ابن رجب: «وهو كما قال». قال ابن الصَّلاح: «هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه، ومجموعها يقوِّي الحديث ويحسِّنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم، واحتجُّوا به».
انظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب، شرح حديث رقم (٣٢) .....

<<  <  ج: ص:  >  >>