للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضرار» (١)، لكن إذا كان لا يضره فإنه لا يمنعه ما دام محتاجاً إلى ذلك.

فإذا قال الجار: أخرج عمودين واجعل بينهما جسراً، وضع الخشبة عليهما من داخل بيتك فإنه لا يلزمه؛ لأننا إذا قلنا: يلزمه، لم يبق للحديث الذي ذكره النبي معنى من المعاني أبداً، وهو قوله : «لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبه في جداره»، والنهي هنا للتحريم، وإنما حرم النبي المنع؛ لأن في وضع الخشب مصلحة لصاحب الجدار ومصلحة للجار.

أما مصلحة الجار فظاهرة؛ لأنه يسلم من أن يقيم أعمدة وسقوفاً قوية تحمل الخشب، وأما مصلحة ذلك لصاحب الجدار؛ فلأن الخشب يشد الجدار ويقويه، ويقيه الشمس، والمطر، ففيه مصلحة للطرفين، ولهذا نهى النبي الجار أن يمنع جاره من وضع خشبه على جداره، قال أبو هريرة: «ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم» (٢)، قال ذلك حين كان أميراً على المدينة، وكلامه يحتمل معنيين:

المعنى الأول: «ما لي أراكم عنها»، أي: عن هذه السنة «معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم»، وخص الأكتاف لأنها موضع التحمل.


(١) سبق تخريجه ص (٣٧).
(٢) أخرجه البخاري في المظالم/ باب لا يمنع جار أن يغرز خشبه في جداره (٢٤٦٣)؛ ومسلم في المساقاة/ باب غرز الخشب في جدار الجار (١٦٠٩)، عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>