للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل فناداه فقال: «إلا الدَّين أخبرني بذلك جبريل آنفاً» (١)، فالتهاون بالدين ليس من العقل ولا من الشرع أيضاً.

والخلاصة الآن: يحجر على المدين إذا كان ماله أقل من دينه، لكن بشرط سؤال الغرماء أو بعضهم، فإن لم يسألوا فلا حرج إذا لم يحجر عليه، لكن الصحيح أنه محجور عليه شرعاً، لا حكماً، والدليل قول النبي : «مطل الغني ظلم»، (٢) والتبرع بماله يؤدي إلى المطل، وعدم الوفاء، فيكون ذلك ظلماً، لكن يفترق عن المحجور عليه حكماً، بأن هذا يصح أن يتصرف في ماله بغير التبرع، فيجوز أن يتصرف لكن لا يتبرع فيبيع ويشتري ـ مثلاً ـ ولا حرج، فهذا هو الفرق.

ولهذا نقول للمدين الذي ماله أقل من دينه ولم يحجر عليه: بع واشتر ليس ثمة مانع، لكن لا تتصدق ولا تتبرع، وإذا جاءه صاحب له وأراد أن يبيع عليه ما يساوي عشرة بثمانية فهذا لا يجوز؛ لأن هذا تبرع في الواقع.

قوله: «ولا إقراره عليه» يعني لا يصح بعد الحجر أن يقر على شيء من ماله الذي بيده، ويصح إقراره في ذمته.

مثال ذلك: لما حجرنا عليه قال: هذه السيارة لفلان، فلا يقبل إقراره على المال، لكن يقبل في ذمته وكيف ذلك؟ نقول: أما السيارة الآن فإنها تباع ويوفى منها الدين، وأما الذي أقر له


(١) أخرجه مسلم في الجهاد/ باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدَّين (١٨٨٥) عن أبي قتادة .
(٢) سبق تخريجه ص (٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>