كانت الجناية على النفس أو على المال، فلو أن هؤلاء الثلاثة اعتدوا على شاة إنسان وكسروها لزمهم أرش الجناية، ولو اعتدوا عليه نفسه وكسروا يده لزمهم أرش الجناية؛ لأن حق الآدمي لا يفرق فيه بين المكلف وغير المكلف؛ إذ إنه مبني على المشاحة، ولا يمكن أن يضيع حق بعمل مكلف أو غير مكلف، فلا بد أن يضمن، لكن إن كانت دية فالدية على عاقلته، وإن كان دون ثلث الدية فهو عليه نفسه.
قوله:«وضمان مال من لم يدفعه إليهم» حتى وإن لم يكن لهم تمييز، فلو أن المجنون اعتدى على مال إنسان وأحرقه فإنه يضمنه؛ لأنه لم يسلطه عليه.
فإذا قال قائل: أليس قد رفع القلم عن ثلاثة؟
قلنا: نعم رفع القلم عن ثلاثة باعتبار حق الله، ولهذا لا يأثم هذا المجنون، ولا يأثم هذا السفيه، ولا يأثم هذا الصغير، ويأثم إذا كان بالغاً، ولكن الضمان لازم لهم؛ لأن هذا حق للآدمي؛ ولذلك لو أن نائماً انقلب على مال أحد وأتلفه فإنه يضمنه؛ لأن الإتلاف يستوي فيه العامد والمخطئ والصغير والكبير.
فإن لم يكن عندهم مال فإنه لا يؤخذ من وليهم، لكن يبقى في ذممهم حتى يكبروا ويتوظفوا أو يتجروا ويؤخذ منهم.
فخلاصة هذا أن هؤلاء الثلاثة محجور عليهم في أموالهم وذممهم، وأن من سلطهم على ماله