فهذا يصح، لكن لو وكله وقال: لا أستطيع أنا مشغول، ثم ذهب الموكل، وبعد ذلك ندم الوكيل وقال: كيف أرده؟! ثم قَبِل وتصرف، فلا يصح؛ لأنه ردها، وإذا ردها معناه بطل الإيجاب الأول الصادر من الموكل، فلا بد من توكيل آخر.
قوله:«بكل قول أو فعل دال عليه» كأن يقول: قبلت وأبشر، ولو أخذ السلعة من الذي قال له: وكلتك في بيع هذه، ولم ينطق بكلمة ثم باعها فيصح، وهذا قبول بالفعل.
هذه القاعدة في العقود ليست مطردة عند الفقهاء ﵏ فإن بعض العقود يشددون فيها، ولكن الصحيح أن العقود كلها بابها واحد، وأن كل عقد يصح بكل قول أو فعل يدل عليه، وأما ما شدد فيه بعض الفقهاء ﵏ في بعض العقود فلا دليل عليه، فالأصل أن هذا يرجع إلى العرف، فما عرفه الناس عقداً فهو عقد، ولو كان بقول أو فعل.
إلا أنه يستثنى من هذا ما لا بد من الإشهاد عليه، فهذا لا بد أن يكون بقول واضح مثل النكاح، فلو أن رجلاً قال لشخص: زوجتك بنتي هذه، فأخذ البنت ومشى، فإن النكاح لا ينعقد؛ لأن هذا يحتاج إلى إشهاد، ومجرد الفعل لا يدل على القبول.
ولو قال: وهبتك هذه الساعة، فأخذها وسكت، فهذا قبول.
إذاً الوكالة ليس لها صيغة معينة، بل تنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها، وقلنا: إن هذا ينبغي أن يكون عامّاً لجميع العقود.