للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، ولهذا إذا جاء بها لا بد أن يسلمها «عن يد» يعني من يده، أو «عن يد» أي: عن قوةٍ مِنَّا عليه، وهو ـ أيضاً ـ صاغر، ونسأل الله ـ تعالى ـ أن يعيد للمسلمين هذا المجد الذي فقدوه بفقدهم كثيراً من دينهم.

قوله: «وفي كل حق تدخله النيابة من العبادات» أي: وتصح الوكالة في كل حق لله تدخله النيابة.

حق الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يدخله التوكيل مطلقاً، وقسم لا يدخله مطلقاً، وقسم فيه تفصيل.

القسم الأول: كل العبادات المالية تدخلها النيابة، كتفريق زكاة وصدقة وكفارة.

القسم الثاني: العبادات البدنية لا تصح فيها الوكالة، مثل الصلاة والصيام والوضوء والتيمم وما أشبهها، فهذه عبادة بدنية تتعلق ببدن الإنسان فلا يمكن أن تدخلها النيابة، ولكن لو وكلت شخصاً يستفتي عني فهذا لا بأس به؛ لأن هذا نقل علم يقصد به الإخبار فقط؛ ولذلك كان الصحابة يوكل بعضهم بعضاً في استفتاء النبي (١)، فإن قيل: يرد على هذا قول النبي : «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (٢)، فهذا يدل على أن العبادة البدنية يكون فيها نيابة، فالجواب: أن هذا


(١) من ذلك توكيل علي المقداد ليسأل النبي عن حكم المذي، أخرجه البخاري في العلم/ باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال (١٣٢)، ومسلم في الطهارة/ باب المذي (٣٠٣) عن علي .
(٢) أخرجه البخاري في الصوم/ باب من مات وعليه صوم (١٩٥٢)، ومسلم في الصيام/ باب قضاء الصوم عن الميت (١١٤٧) عن عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>