وفصل بعض العلماء فقال: إن كان واجباً بالنذر قضي عنه، وإن كان واجباً بأصل الشرع فإنه لا يقضى عنه.
واستدلوا بأن امرأة أتت النبي ﷺ فقالت: إن أمها نذرت أن تصوم شهراً فلم تصم فقال: «صومي عنها»(١)، فأذن لها أن تصوم عنها، والصيام نذر ولا يقاس عليه الواجب بأصل الشرع؛ لأن الأصل في العبادات عدم جواز الوكالة، لكن هذا القول ضعيف.
والصواب القول الثاني أنه يجوز أن يصام عن الميت ما وجب عليه من فرض بأصل الشرع أو فرض بالنذر، والدليل عموم حديث عائشة ﵂:«من مات وعليه صيام صام عنه وليه»، وما قصة المرأة التي سألت عن النذر إلا فرداً من أفراد هذا العموم، لا يخالفه ولا يقيده، فهي قضية عين وقع فيها أن الميت مات وعليه صوم مفروض، فأذن النبي ﷺ بالصيام عنها، ثم نقول ـ أيضاً ـ: أيهما أكثر أن يموت الإنسان، وعليه صيام من رمضان أو عليه صيام نذر؟
الجواب: الأول لا شك، فمتى يأتي إنسانٌ نَذَرَ أن يصوم ومات قبل أن يصوم؟! فلا يمكن أن نحمل الحديث العام على الصورة النادرة، دون الصورة الشائعة، فهذا في الحقيقة خلل في الاستدلال.
فالصواب أنه يصام عنه إذا مات وعليه صيام، لكن متى يكون عليه الصيام؟
(١) أخرجه البخاري في الصوم/ باب من مات وعليه صوم (١٩٥٣)، ومسلم في الصيام/ باب قضاء الصوم عن الميت عن ابن عباس ﵄ (١١٤٨) (١٥٥).