بعد القدرة عليه فإنه يرفع عنه القتل ولا يقتل، ولو كانت حدّاً ما ارتفع بعد القدرة عليه؛ لقول الله ﵎: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *﴾ [المائدة].
فالصواب أن القتل بالردة ليس حدّاً، حتى على قول من يقول: إن من أنواع الردة ما لا تقبل فيه التوبة، مع أن الصحيح أن جميع أنواع الردة تقبل فيها التوبة، حتى لو سب الإنسان رب العالمين، أو الرسل أو الملائكة، ثم تاب فإن توبته مقبولة؛ لأن من المشركين من سب الله ﷿ ومع ذلك قبلت توبتهم، ثم إن عموم الأدلة كقوله ـ تعالى ـ: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣]، يدل على أن أي ذنب تاب الإنسان منه فإن الله يتوب عليه، حتى لو سب الله جهاراً نهاراً ثم تاب وحسنت حاله، قبلت توبته، والحمد لله؛ لأن باب التوبة مفتوح.
لكن من سب الرسول ﷺ ثم تاب فإننا نقبل توبته، ولكننا نقتله؛ لأن سبه للرسول ﷺ حق آدمي، ولا نعلم هل عفا عنه الرسول ﷺ أم لا؟ لأن الرسول ﷺ قد مات فالقتل لا بد منه، لكنه إذا تاب يقتل على أنه مسلم، يغسل ويكفن ويصلى عليه، ويدعى له بالرحمة، ويدفن مع المسلمين.
على كل حال الحدود يجوز التوكيل في إثباتها واستيفائها.
ومن الموكل؟ الموكل من له إقامة الحد، ففي عهد الرسول ﷺ الأمير والقاضي والرسول والقائد والإمام هو النبي ﷺ، فلا إشكال في الموضوع.