قوله:«أو قال بع بكذا مؤجلاً فباع به حالًّا، أو اشتر بكذا حالًّا فاشترى به مؤجلاً ولا ضرر فيهما صح وإلا فلا» هاتان مسألتان:
الأولى:«بع بكذا مؤجلاً فباع به حالًّا» قال: يا فلان خذ هذه الساعة بعها بأربعين درهماً لكنها مؤجلة إلى سنة، فذهب الوكيل وباعها بأربعين نقداً وجاء بالأربعين، فقال له الموكل: أنا قلت لك: بعها بأربعين مؤجلة إلى سنة، قال: هذا أحسن لك، أنا أتيت لك بالأربعين وبدلاً من أن تنتظر الوفاء لمدة سنة، الآن حصل الوفاء، فيقول المؤلف: يصح بشرط ألا يكون هناك ضرر.
وعُلِمَ من كلامه أنه إذا كان هناك ضرر فالبيع غير صحيح، وصورة الضرر أن يكون هذا الموكل يريد السفر، وليس راجعاً إلى البلد إلا بعد سنة، ويعلم أنه لو أخذ الدراهم الآن ضاعت منه، فله غرض في التأجيل، فالغرض هو ألا يضيع ماله، فنقول: في هذه الحال لا يصح البيع؛ لأن الموكل له غرض في التأجيل وأنت فوت عليه غرضه.
مثال آخر: أن يكون هذا الموكل في بلد فيه ولاة ظلمة يسطون على الناس، ومن وجدوا عنده مالاً ضربوا عليه ضرائب، أو أخذوا ماله، وهو يقول: لو أخذت الثمن حالًّا، ووضعته عندي، فجاءت أعين الظلمة وقالوا: هذا الرجل عنده مال وتسلطوا عليه، فهذا غرض صحيح، قال: أنا قلت لك بعه مؤجلاً؛ لأن الولاة الظلمة قد نشروا أعينهم في البلد، ومن رأوا