به. فإِن لم يكن له غبار لم يصحَّ التَّيمُّم به كالتُّراب الرَّطب، وعلى هذا لو كنّا في أرض أصابها رَشُّ مطر حتى ذهب الغُبَار فلا نتيمَّم عليها، بل نصلِّي بلا تيمُّم .........
والدَّليل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦]، قالوا:«من» للتَّبعيض، ولا تتحقَّق البعضيَّة إِلا بغبار يَعْلق باليد، ويُمْسَح به الوجه واليدان.
٢ - أنه ﷺ كان يسافر في الأرض الرمليَّة، والتي أصابها مطر، ولم ينقل عنه ترك التيمُّم.
وأما قولهم إِن «من» تبعيضيَّة فالجواب عنه أن «من» ليست تبعيضيَّة بل لابتداء الغاية فهي كقولك: سرت من مكَّة إِلى المدينة، وهذا وإِن كان خلاف الظَّاهر إِلا أنَّه الموافق لِسُنَّة النَّبيِّ ﷺ حيث لم يكن يَدَعْ التيمُّم في مثل هذه الحال.
ومما يُبيِّن هذا أن آية «النِّساء»، ليس فيها «من»، قال تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [النساء: ٤٣]، وآية «النساء» سبَقت آية «المائدة» بسنوات.
وأيضاً: في حديث عمَّار ﵁ الذي رواه البخاري: أن النَّبيَّ ﷺ لما ضَرَبَ بكفَّيهِ الأرض نَفَخَ فيهما (١)، والنَّفْخُ يُزيل الغبار، وأثر التُّراب.
(١) رواه البخاري، كتاب التيمم: باب المتيمم هل ينفخ فيهما، رقم (٣٣٨) وهذا لفظه، وفي باب التيمم ضربة، رقم (٣٤٧) وفيه: أنه نَفَضَ كفَّيه، ومسلم، كتاب الحيض: باب التيمم، رقم (٣٦٨) ولفظه: «إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تَنْفُخَ، ثم تمسحَ بهما وجهك وكفَّيك».