حقي من زيد، فوجد زيداً قد توفي، فإننا نقول: لا تقبض من الورثة، حتى لو قال الورثة: يا فلان أنت وكيل فلان؟ قال: نعم، قالوا: عند أبينا له كذا وكذا، تفضل وخذه، فإنه لا يتسلمه؛ لأن الموكل قال: اقبض حقي من زيد، وقد تتغير حال الموكل إذا علم أن غريمه قد توفي، ويكون قد ترك صغاراً وأيتاماً وعجائز، فيريد أن يبرئهم منه، وعلى هذا فماذا يصنع إذا كان لا يريد أن يأخذ من ورثته؟ يخبر الموكل، فيقول: إني وجدته قد توفي، فهل توكلني في أن أقبض من ورثته أو لا؟ فهو الآن بالخيار.
قوله:«إلا أن يقول الذي قِبله» الضمير يعود على الموكل أي: إلا إذا قال: اقبض حقي الذي قِبَلَ زيد ـ أي: من جهته ـ فاقبض حقي من زيد، هذا لا يقبض من الورثة، واقبض حقي الذي قِبَلَ زيد، فهنا يقبض من الورثة؛ لأنه وكله في قبض حقه دون تعيين من يقبضه منه.
فهنا فرق بين العبارات مع أن أكثر الناس لا يميز الفرق بين اقبض حقي من زيد، واقبض حقي الذي قبل زيد أو عند زيد، وما أشبه ذلك، لكن الواقع أن بينهما فرقاً واضحاً؛ لأن اقبض حقي من زيد عَيَّنَ المقبوض منه، واقبض حقي الذي قِبَلَ زيد لم يُعَيَّن المقبوض منه لكنه عيّن الجهة، لكن هذه المسائل الدقيقة لا أظن أن العوام يفرقون بينها، فالعامي إذا قال: اقبض حقي من زيد، فهو بمنزلة قوله: اقبض حقي الذي قبل زيد، فإذا علمنا يقيناً أن هذا هو المراد فإن الوكيل يقبض من الورثة، وإذا شككنا فالسلامة.
ومتى شككنا في ملك الشيء فخذوا بالسلامة، وكان الإمام أحمد ﵀ لا يعدل بالسلامة شيئاً، وأنت الآن إذا قبضت من الورثة وأنت شاك فقد أخذت ما ترددت فيه، لكن إذا