للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: لكن ليس له حق أن يتصرف في عين مال الغير إلا بإذنه، وهذا لم يُؤذن له.

ولو فرض أن هذا الصندوق احترق وتلفت الأموال التي فيه، ومن جملتها عشرة الآلاف، وذلك بعد أن تصرف فيها وردها فإنه يضمنها؛ لأنه صار غير أمين بتصرفه فيها، أما لو أبقاها ولم يتصرف فيها، ثم احترق الصندوق فليس عليه ضمان؛ لأنه أمين، انتبه لهذه القواعد لأنها مفيدة جدّاً.

وقوله: «والوكيل أمين» ثم بين الحكم الذي يترتب على كونه أميناً فقال:

«لا يضمن ما تلف بيده» أي: من المال الذي ائتمن عليه.

قوله: «بلا تفريط» أي: ولا تعدٍ، وإنما لم يذكر المؤلف التعدي؛ لأنه إذا كان يضمن بالتفريط فضمانه بالتعدي من باب أولى، ولكن مع هذا الأولى أن يذكر، فشَرْطُ عدمِ الضمان ألا يفرط ولا يتعدى، والفرق بين التفريط والتعدي:

التعدي أن يفعل ما لا يجوز، والتفريط أن يترك ما يجب.

فما طُلب فعله فتركه يسمى تفريطاً، وما طلب الامتناع منه ففعله يسمى تعدياً.

ففي المثال الذي ذكرنا من قبل في مسألة الوديعة، إذا أخذ الدراهم التي أودعَها وتصرف فيها فهذا تعدٍّ، وإذا وضع الدراهم فوق سطح الصندوق، وغفل ثم سُرقت فهذا تفريط؛ لأنه ترك ما يجب، إذ إن الواجب عليه أن يحفظها فوراً بما تحفظ فيه عادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>