فالهبة لو شاء الإنسان لم يقبلها، فإذا قبلها صار هذا نوعاً من الكسب، وكونه نادراً لا يمنع أن يدخله في الشركة، فإذا قال: أنا راضٍ إذا وُهِبَتْ لي هبة أن أدخلها، فإن الفقهاء يقولون: هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه نوع من الجهالة والغرر؛ إذ أنه ليس شيئاً مطرداً معروفاً بل هذا شيء نادر، فكيف يدخل في الشركة؟!
ولكني أقول: إذا قال الكاسب الذي كسب النادر، سواء بفعله أو بغير فعله: أنا أدخله في الشركة وأجعله تبرعاً مني لصاحبي فيجوز، لكن أن تجعله في ضمن العقد فلا يجوز، فإذا قال: أنا راضٍ أن أجعله في ضمن العقد، قلنا: ربما ترضى اليوم ولكن إذا جاءت الدراهم لن ترضى وتندم؛ لهذا نقول: إن الشركة تكون فاسدة إذا أدخل فيها كسباً نادراً، ولو قيل بفساد الشرط لا العقد لكان له وجه.
قوله:«أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو نحوه فسدت» هذا غير الغرامة، فالغرامة تأتي بغير اختيار الإنسان، والغصب باختياره، مثل أن يقولا: نحن شركاء مفاوضة، لكن ما لزم أحدنا من ضمان غصب فهو على الشركة، فقال أحدهما: ليس هناك مانع، فاتفقا على هذا، فإن المؤلف يقول: إن الشركة تكون فاسدة وصدق ﵀؛ لأن هذا قد يجحف بمال الشركة، ولأنه ربما يكون هذا الشريك يُغِيرُ على الناس، ويغصب أموالهم، فإذا أدخلا في الشركة ما يلزم أحدهما من ضمان الغصب والإتلافات وما أشبهه، فإن الشركة تكون فاسدة؛ لأنه يترتب على ذلك أن يتعدى أحدهما على حقوق الناس، بالغصب، والسرقة،