خوف تغرير البائع الذي لم يقدم البلد ولم يدرِ عن الأسعار، ولهذا قال النبي ﷺ:«فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار»(١).
وقوله:«بجزء» هذا شرط خرج به ما لو دفع الأرض لمن يزرعها مجاناً، فهذه لا تسمى مزارعة؛ لأن الزرع كله للعامل.
مثال ذلك: رجل عنده أرض، وله صديق عاطل، فقال له: يا فلان خذ أرضي، وازرعها واسترزق الله بها، بدون أي سهم لصاحب الأرض، فهذه لا تسمى مزارعة، وإنما هي منحة منحها صاحب الأرض لمن يعمل فيها فلا تصح مزارعة؛ لأن المزارعة نوع من المشاركة، لكنها تبرع.
وقوله:«معلوم النسبة» خرج به المجهول، فلو قال: خذ هذه الأرض مزارعة ببعض الزرع، فهذا لا يجوز؛ لأن البعض مجهول، فلا بد أن يُحَدِّد.
وأيضاً لا بد أن يكون معلومَ النسبة يعني أن علمه نسبي، وليس بالتعيين، فالنسبة أن يقول: ربع، ثلث، عُشر، وما أشبه ذلك، احترازاً من المعلوم بالتعيين، والمعلوم بالتعيين لا تصح معه المزارعة، مثل أن يقول: لك الجانب الشرقي من الأرض، ولي الجانب الغربي، فهذا لا يجوز؛ لأنه قد يسلم هذا ويهلك هذا أو بالعكس.
والقاعدة في المشاركة أن يتساوى الشريكان في المغنم والمغرم، فلو قال: لك الزرع هذا العام، ولي زرع العام القادم
(١) أخرجه مسلم في البيوع/ باب تحريم تلقي الجلب (١٥١٩) (١٧) عن أبي هريرة ﵁.