للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماء الدولة أن يجدوا دليلاً ليرضوا الدولة؛ لأن العامة لا يرضون أن تؤخذ أموالهم، ويقال لهم: أمموها، فأتوا بمتشابهات، يتعسفون في رد النصوص ويلوون أعناقها من أجل أن توافق رأي الدولة، واستدلوا بالنصوص على وجه عجيب قالوا: إن الرسول قال: «الناس شركاء في ثلاث» (١)، فأثبت المشاركة، يعني الاشتراكية، وقالوا ـ أيضاً ـ إن الرسول قال: «من كان له أرض فليَزْرَعْها أو ليُزْرِعْها أخاه» (٢)، وأنت عندك فدادين كثيرة وأرض واسعة، لا تستطيع زراعتها، فنأخذها منك ونعطيها للآخرين، وقالوا: إن الله ـ تعالى ـ قال في القرآن: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ [الروم: ٢٨]، أي: ما رزقناكم فأنتم والعبيد فيه سواء، وإذا كان الحر مع العبد سواء فالحر مع الحر من باب أولى، وهلم جرّاً، فهؤلاء نسميهم علماء دولة، ولكن والله لا تغنيهم الدولة شيئاً، سيكون لهم ـ إن لم يغفر لهم ـ موقف من يقولون: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيرًا *﴾ [الأحزاب].

علماء الأمة ليس لهم دخل في الدولة، لكن ينظرون ما


(١) سبق تخريجه ص (١٠).
(٢) أخرجه البخاري في الحرث والمزارعة/ باب ما كان من أصحاب النبي يواسي بعضهم بعضاً في الزراعة والثمر (٢٣٤٠)، ومسلم في البيوع/ باب كراء الأرض (١٥٣٦) (٨٨) ـ واللفظ له ـ عن جابر بن عبد الله .

<<  <  ج: ص:  >  >>