قوله:«وتصح في الأجير والظئر بطعامهما وكسوتهما» أي: تصح الإجارة في الأجير بطعامه وكسوته، بأن تستأجر شخصاً يعمل عندك بأكله وشربه وكسوته ومنزله، وعلم الأجرة هنا بالعُرف، فيحمل على العرف وهو أدنى الكفاية، فلو قال العامل: أنا استؤجرت بالطعام وأنا أريد طعام الملوك، أي: أعلى ما يكون من الطعام، فإنه لا يجاب وإنما يعطى طعام مثله.
وقوله:«والظئر» هي المرضعة، يجوز أن تستأجرها بطعامها وكسوتها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦] وأطلق وقال: ﴿وَعَلَى الْمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فيجوز أن تستأجر امرأة لإرضاع الولد بطعامها وكسوتها، ومرجع ذلك العرف.
وهل تصح في المركوب بطعامه وشرابه وما يلزم لبقاء حياته؟ ظاهر كلام المؤلف: لا؛ لأنه خص هذه المسألة في الآدمي وفي الظئر أيضاً، والصواب أنه يجوز أن يستأجر حيواناً بالقيام عليه بالتغذية من طعام وشراب ووقاية من البرد والحر؛ لأنه لا فرق بينه وبين الأجير؛ لأن كليهما استيفاء منفعة، ويُرجع في ذلك إلى العرف.
وهل يصح أن يستأجر الدار بإصلاح ما انهدم منها؟ لا يصح؛ لأنه غير معلوم، قد ينهدم منها شيء كثير، وقد لا ينهدم منها شيء فهي مجهولة تماماً، إلا إذا كان المنهدم موجوداً الآن، وقال: أجرتك إياها بإصلاح ما انهدم الآن، وهو معلوم، فهنا الإجارة صحيحة؛ وذلك لأن الأجرة معلومة بالمشاهدة.
وإذا قال: أجرتك هذا البيت بعشرة آلاف وإصلاح ما ينهدم