فإذا قلنا بأنه يصح العقد وله الخيار إذا رآها صار العقد حلالاً، وإذا قلنا: لا يصح العقد، صار العقد حراماً، وكل من المستأجر والمؤجر آثمين؛ لأنهما فعلا حراماً.
فالمذهب أنه لا يصح مطلقاً، وعلى هذا فيحرم تعاطي هذا العقد ويجب عليه إذا رآها واقتنع بها أن يعيد العقد.
مسألة: ما يستأجر لصوته فإنه يُعلَم بالسماع، مثل ما لو استأجرت ساعة منبهة، من أجل أن تنبهك لعمل ما، فلا بد أن تسمع، ولا تكفي الرؤية، اللهم إلا إذا كانت ـ مثلاً ـ من صناعة معينة معروفة، وأن صوتها في التنبيه معروف فهنا ربما يكتفى بذلك، على أنه ربما يكون هذا النوع غُيّرت نغمة صوته، أو حصل فيها خلل، فلا بد من السماع.
ولو استأجر ديكاً من أجل أذانه فلا بد أن يسمع صوته؛ لأن بعض الديكة صوته جميل، وبعضه ليس بجميل (أَبَحٌّ) فهي تختلف اختلافاً عظيماً، لكن لو استأجر ديكاً يوقظه للصلاة فإنه لا يصلح؛ لأنه لا يمكن استيفاء المنفعة؛ لأن الديك ربما ينام في بعض الأيام.
إذاً الديك يُستأجر لصوته، أما لكونه يوقظك للصلاة فهذا شيء لا يمكن؛ لأن استيفاء المنفعة منه غير ممكن.
وخلاصة القول: أنه يشترط معرفة العين المؤجرة، فما استؤجر للرؤية فبالرؤية، وما استؤجر للصوت فبالصوت، وما لا يمكن إدراكه إلا بالرؤية فلا بد من الرؤية، وما يمكن إدراكه بالصفة فيكفي فيه الصفة.