للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا على منافع، لا تكون على أجزاء، ومثل ذلك ما كانوا يستعملونه قديماً، يكون عند الإنسان ضيوف فيستأجر من جاره بقرته لمدة يوم أو يومين من أجل أخذ اللبن، فعلى المذهب لا يجوز؛ لأن اللبن مجهول، ثم حلبها ـ أيضاً ـ مجهول، فبعض البهائم تمنع الحليب لا ترضى أن تحلب، لكن «الظئر» مستثنى، والظئر هي المرضعة لولد غيرها، فيجوز للإنسان أن يستأجر امرأة ترضع ولده بأجرة معلومة، مع أن المعقود عليه هو اللبن، والفقهاء أورد عليهم إيراد واضح، قيل لهم: إن الظئر إجارتها جائزة بنص القرآن، قال الله : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وقال: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ وقال: ﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦] فأي فرق بين لبن الآدمية ولبن غير الآدمية؟!

أجاب بعضهم بجواب ليس بسديد، فقال: لأن الآدمية إنما تستأجر لأجل أخذ الطفل ووضعه في حجرها وإلقامه الثدي وما أشبه ذلك، والحيوان لا يفعل هذا، لكنه يقف لما يرضعه ويتأنى ويفتح رجليه فلا شك أنه يخدمه، فهل من المعقول أن الإنسان يستأجر مرضعة ترضع ولده من أجل أن تأخذه وتضعه في حجرها وتلقمه الثدي، إذا لم يكن في الثدي شيء؟! ما يمكن أبداً، إذاً المقصود هو اللبن لا شك، لكن هذه وسائل إلى الحصول على اللبن، فالمقصود أولاً هو اللبن، وما دمنا قياسيين يجب أن نقول: إن استئجار الحيوان لأخذ لبنه جائز بالقياس على الظئر، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>