وقوله:«أو من يدله على طريق» يعني لو استأجر من يدله على طريق فلا بد من معرفة هذا الطريق، ولهذا قال:«اشترط معرفة ذلك وضبطه بما لا يختلف».
فالطرق فيما سبق غير معبدة ويضل الناس فيها كثيراً ويهلكون كثيراً فيحتاجون إلى أدلاء، فإذا استأجر من يدله على الطريق كان ذلك جائزاً، وقد وقع هذا للنبي ﷺ في هجرته من مكة إلى المدينة، حيث استأجر رجلاً يقال له: عبد الله بن أريقط وكان جيداً في الدلالة ماهراً خرّيتاً، وكان مشركاً فدلّهم على الطريق (١)، فيجوز أن أستأجرَ شخصاً يدلني على الطريق لكن لا بد من ضبطه بما لا يختلف، فإذا كان البلد له طريقان فلا بد أن أقول: تدلني مع الطريق الفلاني، أعيّنه؛ لأنه قد يكون الإنسان له غرض في الطريق البعيد ليزور ما فيه من القرى أو ما أشبه ذلك.
وبمناسبة ذكرنا عبد الله بن أريقط الذي دل النبي ﷺ على الطريق في الهجرة، يؤخذ من ذلك أنه لا بأس في استئجار الكافر فيما يؤتمن عليه، سواء في دلالة الطريق أو في العلاج أو في الصنعة أو في البناء أو غير ذلك، لكن بشرط أن يكون أميناً، ويتفرع على ذلك أنه يجوز للمسلم أن يعمل بقول الطبيب الكافر في أن لا يصلي قائماً مثلاً، أو أن لا يركع، إذا كان العلاج مما يحتاج إلى عدم الركوع والسجود، وذلك ـ مثلاً ـ في مداواة الأعين، فإن كثيراً من الأطباء يقولون للمريض: لا تركع ولا