قوله:«ولا يضمن ما تلف من حرزه أو بغير فعله»، «ولا يضمن» أي: الأجير المشترك، «ما تلف من حرزه» فهذا الخياط ـ مثلاً ـ لما كان الليل أغلق الدكان بما جرت العادة أن يغلق به، ولم يقصِّر في الإغلاق، ولكن أتت السرَّاق وسرقوا الدكان، ومن جملته الثياب التي استأجره صاحبها لخياطتها.
فلا يضمن؛ لأن التلف بغير فعله، وهو لم يتعد ولم يفرط، فهو قد وضعها في حرزها.
ولو علق الثوب خارج الدكان ليتذكر صاحبه إذا مر، فيقف ويأخذه ويعطيه الأجر فنسي أن يدخله في الدكان، فأُخذ الثوب فإنه يضمن؛ لأنه تلف في غير حرزه، والمؤلف يقول:«ولا يضمن ما تلف من حرزه» وهذا لا شك أنه ليس حرزاً أن يعلقه عند باب الدكان من الخارج.
وقوله:«أو بغير فعله» كذلك ـ أيضاً ـ ما تلف بغير فعله فإنه لا يضمن، كما لو احترق الدكان فتلف الثوب الذي استؤجر لخياطته، فهذا التلف ليس من فعله، إذاً لا ضمان عليه؛ وذلك لأنه لم يتعد ولم يفرط، لكن يقول:
«ولا أجرة له» يعني ما تلف بفعله يضمنه ولا أجرة له، وما تلف بغير فعله أو من حرزه فلا يضمنه ولا أجرة له، مع أنه خاط الثوب ـ كما في المثال السابق ـ وعمل فيه وأمضى زمناً في خياطته وأتى بكل ما استؤجر عليه، يقول المؤلف:«ولا أجرة له»؛ لأنه لم يسلم الثوب لصاحبه، وصاحبه إنما استأجره ليعمل له ثوباً يلبسه وينتفع به، وقد فاتت هذه المنفعة فلا يكون لهذا الأجير أجرة، وهذا هو المذهب.