للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: أن المعير محسن، وقد قال الله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [البقرة: ١٩٥].

رابعاً: أننا إذا ألزمنا المعير بمؤونة الرد كان في هذا سد لباب العارية.

قوله: «لا المؤجرة» يعني أن المؤجرة مؤونة ردها على المؤجِر وليست على المستأجر.

مثال ذلك: رجل استأجر من شخص آلة حراثة، وآلة الحراثة تحتاج إلى مؤونة في ردها، تحتاج إلى سائق، وإلى وقود، فالمؤونة على صاحبها وليست على المستأجر؛ ووجه ذلك أن المستأجر قبضها لمصلحته ومصلحة مالكها، وَرَدُّها لمصلحة المالك، فكانت المؤونة على مالكها، بخلاف المعارة فإن المستعير قبضها لمصلحته الخاصة فلزمه ردها إلى أهلها لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨] ولأن المستأجر أعطى المؤجر الأجرة في مقابلة النفع، فهو بدل ببدل، وهذا يقتضي أنه لا مؤونة على المستأجر، كما لو استأجرت بيتاً فخرب منه شيء، فأجرة تعميره على المؤجر إلا إذا كان خرابُهُ بتعدٍّ أو تفريط.

قوله: «ولا يعيرها» أي: أن المستعير لا يجوز أن يعير العين التي استعارها، بخلاف المستأجر، فإن له أن يعير، وله أن يؤجر بشرط أن لا يلحق العين المؤجَرة ضرر، أما المستعير فلا يعيرها، ولا حتى أباه، فلو أن رجلاً استعار إناء من شخص وصار عند أبيه ضيوف، فقال له: أعرني هذا الإناء فلا يعيره؛ لأن المؤلف يقول: «ولا يعيرها»؛ ووجه ذلك أن المستعير يملك الانتفاع بالإذن المجرد ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>