لأنها إن بقيت أخذت من المستعير الثاني وردت للمعير الأول، لكن أجرتها ـ من حين أعارها المستعير الأول إلى أن ردها إلى صاحبها ـ على المستعير الأول، لكن المؤلف قال:«إذا تلفت» يعني جعل الصورة مفروضة فيما إذا تلفت؛ لأجل أن يفرق بين ضمان المنفعة وضمان العين، فإذا تلفت عند الثاني فعليه ضمان العين، وعلى المعير الأول ضمان المنفعة من وقت أن أعارها للثاني حتى تلفت.
وإذا لم تتلف ترد إلى صاحبها المعير الأول، ويضمن المستعير الأول أجرتها مدة بقائها عند الثاني.
قوله:«ويضمن أيهما شاء» يعني للمالك أن يُضَمِّن العين المستعير الأول والمستعير الثاني؛ لأن المالك يقول للمستعير الأول: أنا لم آذن لك في أن تدفعها إلى هذا الرجل، فأنت متعدٍّ فعليك الضمان، ويقول للثاني إذا أراد أن يُضَمِّنه: العين تلفت تحت يدك، فعليك الضمان، لكن إذا ضمن أحدهما فعلى مَنْ يستقر الضمان؟ نقول: يستقر على الثاني إن كان عالماً بأن المستعير الأول قد أعارها بدون إذن من مالكها، فقرار الضمان عليه؛ لأنه متعدٍّ، وإن كان لا يعلم فإذا ضَمَّنه المالك يرجع على المستعير الأول الذي أعاره؛ لأن الرجل جاهل، والأصل في تصرف الإنسان أنه يتصرف في ملكه، فيكون قرار الضمان على الأول.
مثال ذلك: زيد استعار من عمرو سيارة، ثم أعارها خالداً، فتلفت السيارة، فنقول لعمرو: ضمِّن المنفعة زيداً من حين أعارها