إضاعة مال عليهما جميعاً، أما على الغاصب فواضح، وأما على المالك؛ فلأنه يريد أن ينشئ هذا البناء من جديد، وكان البناء أو الغراس موجوداً، فقد أضاع المال، وسيخسر مرة ثانية بإنشائه.
فصار كلام المؤلف ليس على إطلاقه، بل نقيده بما إذا لم يتبين أن المقصود به المضارة، فإن تبين ذلك فإنه يمنع، فلا ضرر ولا ضرار.
مسألة: لو طالب رب الأرض أن يبقى الغراس ويدفع القيمة، ففيه تفصيل، إن كان للغاصب غرض صحيح في قلعه فإنه لا يجبر على إبقائه، كأن يقلع النخل ويجعله في أرض يملكها، وإن لم يكن له غرض صحيح في امتناعه، وإنما سيقلع هذا الغرس ويرميه في الشمس حتى يتلف، فإننا لا نمكنه من ذلك لوجوه:
الأول: أن هذا من الفساد، والله لا يحب الفساد.
الثاني: أن هذا إضاعة مال، وقد نهى النبي ﷺ عن إضاعة المال (١).
الثالث: أن في إبقائه وإعطاء الغاصب القيمة منفعة له، ورغبته عن المنفعة يعتبر سفهاً، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]، فإذا مُنعنا أن نعطي هؤلاء أموالهم فكيف لا نلزم هذا بأخذ زيادة على ماله؟!