الساعة للغاصب وتلفت عند المودَع بلا تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يرجع عليه؛ لأن المودَع محسن وما على المحسنين من سبيل.
قوله:«وإن أطعمه لمالكه أو رهنه أو أودعه أو آجره إياه لم يبرأ إلا أن يعلم» مثال ذلك: رجل غصب طعاماً كخبز وأرز وغيره فأطعمه لمالكه، فأكله المالك على أنه مُلْك للغاصب، فهنا نقول: إن الغاصب لا يبرأ إلا إذا أعلمه، بأن قال: أنا غصبت هذا المال منك والآن أنا تائب فتفضل كُلْه، فإذا أكله برئ؛ لأنه علم.
وكذلك لو رهنه إياه، كما لو استدان من المالك ديناً وأرهنه المغصوب فإنه لا يبرأ؛ لأن المرتهن داخل على أنه لا ضمان عليه، فيده يد أمانة فلو تلف بلا تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه، إلا إذا علم مالكه أن هذا ملكه فإنه يبرأ الغاصب؛ لأنه الآن مكَّنه منه وسلَّطه عليه.
وقوله:«أو أودعه» أي: أودع المغصوب «إياه» أي: المالك «لم يبرأ إلا أن يعلم»، والوديعة هي الاستحفاظ، يعني استحفاظ المالك بأن تعطي الشخص مالاً يحفظه لك، ويسمى عند الناس «أمانة» وهو في الحقيقة وديعة، فإذا أودعه عنده فمن المعلوم أن المُودَع لا يضمن إلا إن تعدى أو فرط، فإن أعلمه الغاصبُ أن هذا ملكه برئ منه سواء تلف أم لم يتلف؛ لأنه إذا تلف فإنه بيد مالكه، وأما إذا أودع الغاصب المال المغصوب لمالِكهِ، ومالِكُهُ لم يعلم فالضمان على الغاصب، حتى لو تلف تحت المُودَع بلا