ثم تخمر، لمَّا تخمر العصير زالت ماليته وصار الواجب إراقته، يقول المؤلف: إنه إذا تخمر العصير ضمنه بالمثل، أي: مثل العصير لا مثل الخمر؛ وذلك لأن تخمره بمنزلة تلفه، والمتعذر شرعاً كالمتعذر حساً، والعصير مثلي؛ لأنه مكيل.
قوله:«فإن انقلب خلاًّ» يعني بعد أن تخمر انقلب خلاًّ بنفسه بأن زالت الشدة المسكرة فيه.
قوله:«دفعه» أي: دفع الخل؛ لأنه عين ماله.
قوله:«ومعه نقص قيمته عصيراً» لأنه إذا تخمر ثم تخلل فلا بد أن ينقص فيضمن نقص قيمته عصيراً؛ لأنه حصل النقص وهو في يد الغاصب.
مثال ذلك: رجل غصب عصير عنب ثم تخمر، فتحول من عين حلال إلى عين حرام، لكنه في نفس الوقت عاد خلاًّ؛ لأنه قد يتخلل الخمر بنفسه، وإذا تخللت الخمرة بنفسها فهي حلال، فعاد إلى كونه عصيراً لكنه عصير متخلل من خمر، فينقص؛ لأنك لو أتيت بهذا الإناء الذي تخلل بعد التخمر، وإناء مثله من العصير لكانت قيمة إناء العصير أكثر بلا شك، يقول المؤلف:«دفعه» يعني الغاصب يدفع هذا الخمر الذي تخلل؛ لأنه عين ملك صاحبه.
فإن نقص بأن كان حين غصبه عصيراً يساوي مائة، والآن لا يساوي إلا ثمانين فهنا الغاصب يضمن النقص، ولهذا قال:«ومعه نقص قيمته عصيراً» يعني نقص قيمته عن كونه عصيراً.
هل يمكن أن يقال: إن هذا شاهد لما ذهب إليه شيخ الإسلام