للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «وإن جهل ربه» أي: رب المغصوب أي: مالكه، فهل يقال هذا في كل مال مجهول صاحبه؟

الجواب: نعم، كوديعة أُودعها الإنسانُ ثم نسي الذي أودعها إياه، فنقول: إذا نسيت وأيست تصدق به مضموناً، كذلك لو أن إنساناً يعمل خياطاً وأعطاه شخص ثوباً ليخيطه وذهب الرجل وأيسنا منه، فماذا يصنع الخياط في هذا الثوب؟ يتصدق به مضموناً، أو يبيعه إذا رأى أن المصلحة في بيعه مثل أن يكون ثوباً كبيراً واسعاً لا يشتريه أحد فيبيعه ويشتري ثوبين ـ مثلاً ـ فله هذا.

فالقاعدة إذاً: (كل من بيده مال جهل صاحبه وأيس من العثور عليه فله أن يتصدق به بشرط الضمان).

وهنا مسألة تشبه هذه من بعض الوجوه، وهي ما يؤخذ غرامة على المخالفين في بعض البضائع، إذا دخلوا بها وصودرت منهم، فهل يجوز أن تُشتَرى من الجهات المسؤولة أو لا؟ الجواب: نعم يجوز أن تشترى؛ لأنها الآن خرجت عن ملك أصحابها بمقتضى العقوبة، والعقوبة المالية جائزة في الشريعة ولها وقائع وقعت في عهد النبي (١)؛ فيجوز أن يشتريها الإنسان وتدخل ملكه ولا حرج عليه في ذلك،


(١) من ذلك قول النبي في مانع الزكاة بخلاً: «إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا»، أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢، ٤)؛ وأبو داود في الزكاة/ باب زكاة السائمة (١٥٧٥)؛ والنسائي في الزكاة/ باب عقوبة مانع الزكاة (٥/ ١٧) وصححه ابن خزيمة (٢٢٦٦)؛ والحاكم (١/ ٣٩٧، ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>