وقوله:«ومن أتلف محترماً» يعم الصغير والكبير، والحيوان وغير الحيوان، ويعم ـ أيضاً ـ ما كان عن عمد وما كان عن غير عمد، إلا أن الفرق بين العامد وغير العامد هو أن العامد آثم، وغير العامد ليس بآثم، لكن حق الآدمي لا يسقط، فيجب عليه ضمانه.
فلو أتلف الإنسان مالاً يظنه مال نفسه، فتبين أنه مالُ غيره فعليه الضمان؛ وذلك لأنه أتلف محترماً، فإذا قال: إن الله يقول: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، قلنا: نعم، قال الله هذا، لكن هذا في حق الله تعالى فقط، أما في حق الآدمي فعليه الضمان.
ولو أن رجلاً مُحْرِماً قتل صيداً مملوكاً جهلاً أو نسياناً فعليه الضمان لصاحبه وليس عليه الجزاء، والفرق أن الجزاء حق لله تعالى، والضمان حق للآدمي، ولو أتلفه عمداً وهو مملوك لزمه ضمانان:
الضمان الأول: للآدمي، والضمان الثاني: الجزاء وهو حق الله ﷿.
إذاً كل من أتلف محترماً فعليه الضمان سواء كان عالماً أو جاهلاً أو ناسياً أو ذاكراً أو عامداً أو مخطئاً، فعليه الضمان بكل حال، وسواء كان هذا المحترم قليلاً أم كثيراً.
قوله:«أو فتح قفصاً» القفص وعاء تُجعل فيه الطيور، فإذا فتح القفص وطار الطائر فعليه ضمانه، لأنه متسبب، والمتسبب إذا لم يكن معه مباشر فعليه الضمان.