للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «وإن ربط دابة بطريق ضيق فعثر به إنسان ضمن» أي: رابط الدابة، وكذلك مُوقِفُها، فلو لم يعثر بها ولكنها رفسته فعليه الضمان؛ لأن هذا المكان يحرم عليه أن يوقف الدابة فيه، فإن أوقفها في هذا المكان الضيق وجاء إنسان فنخسها فرفسته فلا ضمان على الرابط؛ لأن التلف الآن حصل بفعل الرجل، فهو المباشر فلا ضمان على رابطها، وإن نخسها فضربت برجلها آخر فالضمان على من نخسها، وهذا يُنَزَّل على القاعدة: مباشر ومتسبب.

قوله: «كالكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه أو عقره خارج منزله» يعني كما يضمن صاحب الكلب العقور إذا عقر الكلب من دخل بيته بإذنه، أو عقر من كان خارج المنزل؛ وذلك أن الكلب العقور ـ وهو الذي عُرف منه العدوان على الناس ـ لا يجوز اقتناؤه بأي حال من الأحوال ويجب قتله؛ لأن النبي قال: «خمس يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور» (١) فاقتناؤه حرام، وعلى هذا كل ما تلف بعقره فهو مضمون على صاحبه، إلا من دخل بيت صاحبه بغير إذنه فلا ضمان فيه؛ لأن الداخل معتدٍ حيث دخل البيت بغير إذن صاحبه، والله ﷿ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ [النور: ٢٧] فإن أذن له ودخل الرجل وصاحب المنزل في داخل منزله فعقره الكلب؟ فعليه الضمان؛ لأنه دخل بإذن رب البيت.

وقيل: إنه إن أعلمه أنه عقور فإنه لا ضمان عليه.


(١) سبق تخريجه (ص ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>