للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا نقول: الضمان على صاحبها؛ لأن الناس في الليل ينامون ولا ينتبهون لأموالهم، وفي النهار لا ضمان على صاحبها؛ لأن الواجب على أهل الأموال حمايتها.

والمذهب ـ أيضاً ـ التفريق بين المفرِّط في حفظ البهيمة وغير المفرِّط، يعني أن الإنسان في الليل إذا حفظ البهيمة إما برباط أو قيد أو شبك أو سور، ثم انطلقت مع تمام التحفظ فإنه لا ضمان على صاحبها، لأن الرجل لم يفرط، والعادة جرت أن الناس يحفظون مواشيهم ثم ينامون، فإذا انطلقت بأن عضت القيد حتى انقطع ـ مثلاً ـ أو تسورت الجدار الذي لا تتسور مثله البهائم فلا ضمان، وهذا في الحقيقة قد يقال: إنه قول لا بأس به؛ لأن الإنسان لم يفرط ولم يتعدَّ، فإذا لم يفرط ولم يتعدَّ فإنه لا ضمان عليه، ويدخل هذا في عموم قوله : «العجماء جبار» (١).

ومبنى الخلاف على أنه هل مناط الحكم تفريط صاحب البهيمة أو تفريط صاحب المال المتلَف؟ إن قلنا: إن مناط الحكم تفريط صاحب المال المتلَف فإننا نفرق بين الزرع وغيره، ونقول: جرت العادة أن غير الزروع تكون وراء الأبواب وتحفظ في المساكن بخلاف الزروع فإنها على البَر، وإذا قلنا: إن مناط الحكم هو تفريط صاحب البهيمة، قلنا: لا فرق بين الزرع وغيره؛ لأن صاحب البهيمة الذي وُجِّه إليه الضمان هو المفرط، وهذا أقرب من القول بأن مناط الحكم هو تفريط صاحب المال


(١) سبق تخريجه ص (٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>