للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوشك أن يقع فيه» (١) وهذا الاستثناء الذي ذكره المؤلف وجيه وصحيح، فيرسلها ـ مثلاً ـ على بُعْد خمسة أمتار أو عشرة أمتار أو على مرآه ثم يذهب، ومن المعلوم أنها سوف تذهب إلى الزرع وتأكله، فيكون الضمان هنا على صاحبها ولهذا قال: «إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة».

وهذا ـ أيضاً ـ خلاف المذهب، فالمذهب لا ضمان على صاحبها في النهار سواء أرسلها بقرب ما تتلفه عادة أم لم يرسلها، بناء على أن مناط الحكم هو تفريط صاحب الزرع أو عدمه؛ لأن صاحب الزرع هو المأمور بحفظ زرعه في النهار، والأصح المذهب؛ لأن النبي قضى بأن على أهل الحوائط حفظها بالنهار (٢)، إلا أن يكون صاحب البهيمة اهتبل فرصة غياب أصحاب المزارع فأرسل بهيمته فهنا يكون الضمان عليه، أو أرسل البهيمة بقرب ما تتلفه عادة كما تقدم فيضمن.

لو قال قائل: إذا انعكس الأمر وصار الناس يحفظون أموالهم في الليل، والمواشي ـ أيضاً ـ تُطلَق في الليل فهل ينعكس الحكم؟

قال بعض العلماء: إنه ينعكس؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وقال بعض العلماء: لا ينعكس؛ لأن هذه مسألة


(١) أخرجه البخاري في الإيمان/ باب فضل من استبرأ لدينه (٥٢)؛ ومسلم في البيوع/ باب أخذ الحلال وترك الشبهات (١٥٩٩) عن النعمان بن بشير .
(٢) سبق تخريجه ص (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>