للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وهو محرم فليس عليه الجزاء؛ لأنه صال عليه فهو معذور.

فإذا قال قائل: هل يجب قتل الصائل إذا صال؟ بمعنى هل يلزم الإنسان أن يدافع عن نفسه أو لا؟ الجواب: أما أهله وحرمته ونفسه فيجب أن يدافع، وأما المال فمختلف فيه، والصحيح أنه يجب أن يدافع عن ماله؛ لأن المال وإن كان أهون من العرض ومن النفس، لكن الذل الذي يصيب الإنسان بتمكين هذا المجرم من إتلاف المال أو سرقته أو ما أشبه ذلك يقتضي وجوب المدافعة، وقد سأل النبي رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: «لا تعطه»، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: «قاتله»، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: «هو في النار»، قال: وإن قتلني؟ قال: «فأنت شهيد» (١).

قوله: «وكسر مزمار» يعني كما لا يضمن كسر المزمار؛ لأن هذا من باب تغيير المنكر، وقد قال النبي : «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» (٢)، ولأن هذه الآلة لا يجوز الإقرار عليها وكسرها وسيلة إلى ذلك، ولكن إتلافه يضمن؛ لأن إتلافه غير كسره؛ لأن كسره يمنع من استعماله في المحرم، ولكن تبقى مادة هذا المزمار ينتفع بها في إيقاد نار، إذا كان من خشب أو في صنع قدور وأوانٍ إذا كان من حديد، أما إتلافه بالكلية فمعناه أنه أزال عين هذا الشيء، وإزالة عينه أكثر من إزالة وصفه الذي يصح


(١) سبق تخريجه ص (٢١٦).
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (٤٩) عن أبي سعيد الخدري .

<<  <  ج: ص:  >  >>