وما عدا الدف من آلات الزمر، فالأصل فيه التحريم؛ لأنه داخل في العموم، وما عدا ذلك ـ أيضاً ـ من الأحوال التي رُخص فيها فإنه حتى الدف يكون حراماً؛ لأن ما خصص بحال يجب أن يتخصص بها.
إذاً المزمار من آلات العزف التي لا تباح بحال، وعلى هذا فيجب إتلافه، فإذا أتلفه متلف لم يكن عليه ضمان.
ولكن مَنْ الذي يُخاطَب في إتلافه؟
يخاطب في إتلافه من هو بيده، ويقال له: يجب عليك أن تكسر هذا.
فإن قال: أحرقه أو أكسره؟
قلنا: إن كانت مادته يمكن أن ينتفع بها في شيء مباح فلا تحرقه، يعني بحيث يحولها إلى صندوق من خشب أو ما أشبه ذلك فلا تتلفه؛ لأن هذا إنما حرم لا لأنه خشب لكن لكونه استعمل في حرام، فإذا كان يمكن أن يُحَوَّل إلى حلال فإنه لا يجوز أن يُتلف؛ لأن في ذلك إتلاف مال، وأما إذا كان لا يمكن الانتفاع به فإنه يحرق؛ لأن إحراقه أبلغ في التنفير عنه؛ ولئلا تدعوه نفسه فيما بعد إلى جمع المكسَّرات بعضها إلى بعض، حتى يُكوِّنَ منها مزماراً، ويدلنا على أن التحريق أبلغ وأنكى أن الرسول ﷺ حَرَّق نخل بني النضير (١) ولم يقطعه، مع أنه يمكن أن
(١) أخرجه البخاري في الحرث والمزارعة/ باب قطع الشجر والنخل (٢٣٢٦)؛ ومسلم في المغازي/ باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها (١٧٤٦) عن عبد الله بن عمر ﵄.