ولو كان المراد الأكل والشرب وغيرهما لقال: لا تستعملوا، ولو كان الاتخاذ بدون الاستعمال حراماً لقال: لا تتخذوا، فلا يمكن أن يدع النبي ﷺ ما هو أعم، ويذكر ما هو أخص، وإذا كان كذلك فلا يمكن أن نستدل بالأخص على الأعم؛ لأن الدليل لا بد أن يكون أعم من المدلول أو مساوياً له، حتى يمكن الاستدلال، أما إذا كان الدليل أخص فالشارع قد وسع للأمة، ويدل لهذا أن أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ وهي ممن روى النهي عن آنية الفضة خاصة، كان عندها جلجل من فضة ـ يعني مثل ما نسميه نحن (قارورة) حفظت فيه شعرات من شعر النبي ﷺ وكان الناس يستشفون بهذه الشعرات، إذا مرض المريض صبت في هذا الجلجل ماءً ورجته بالشعرات واستشفى به الناس (١).
بناءً على هذا القول ـ الذي هو ظاهر السنة وهو الراجح ـ نقول: لا يجوز كسر آنية الذهب والفضة إلا لمن يستعملها في الأكل والشرب؛ لأن الأصل في جواز كسر آنية الذهب والفضة وعدم ضمانها بالإتلاف أنها محرمة الاستعمال.
وعلى القول بجواز اتخاذها فإنه يضمنها إذا كسرها؛ لأنه حال بين صاحبها وبين أمر مباح له، ولكن هل يضمنها على أنها آنية تتخذ أو على أنها آنية تستعمل؟ يضمنها على أنها آنية مستعملة في غير الأكل والشرب.
(١) أخرجه البخاري في اللباس/ باب ما يذكر في الشيب (٥٨٩٦).