كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع

باب الشفعة - فإن انتقل بغير عوض، أو كان عوضه صداقا، أو خلعا، أو صلحا عن دم عمد فلا شفعة ويحرم التحيل لإسقاطها - ج: 10 - ص: 242

ثالثاً: قول النبي ﷺ: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» (١) قال شيخ الإسلام: إسناده جيد.

أما التعليل؛ فلأنه يتضمن إسقاط حق المسلم، وكل ما تضمن إسقاط الحقوق الواجبة فهو حرام لقول النبي ﷺ: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» (٢).

فإن قال قائل: ما هي الحيلة؟

قلنا: الحيلة هي أن يتوصل إلى شيء محرم بصورة ظاهرها الحل، والحيل في أي شيء محرمة، فكل حيلة على إسقاط واجب أو انتهاك محرم فهي حرام، وهي أبلغ من المخالفة الصريحة؛ لأنها تتضمن الوقوع في المخالفة الصريحة معنىً مع الخداع لله ﷿ والتلاعب بأحكامه، ولهذا قال أيوب السختياني ﵀: (إن هؤلاء ـ يعني المتحيِّلين ـ يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، ولو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون).

إذاً الحيلة محرَّمة، والدليل الأحاديث التي سقناها، والتعليل أن المخادعة لله أعظم من المخالفة الصريحة؛ لأن المخادعة فيها

---

(١) أخرجه ابن بطة في إبطال الحيل (٢٤)؛ وصححه شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (٣/ ١٢٣).
(٢) سبق تخريجه ص (١٤٢).