قوله:«لشريك في أرض» يخرج الجار، وقد صرَّح به فقال:«فلا شفعة لجار» فما الدليل؟
قالوا: إن الدليل قول جابر ﵁: (قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم)(١) فمفهومه أن ما قسم ليس فيه شفعة، وإذا قسم صار الشريك جاراً، كأرض بين رجلين اقتسماها كانت في الأول مشتركة والآن صار الشريك جاراً، والحديث:(قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم) هذا المنطوق، ومفهومه لا شفعة فيما قسم، والنتيجة لا شفعة للجار؛ لأنه إذا كان الجار الذي كان شريكاً بالأول لا شفعة له، فالجار الذي ليس بينه وبين جاره شركة من باب أولى.
ولكن نقول: الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر؛ لأنه يجب إذا استدللنا بالحديث أن نستدل به كاملاً، وإذا استدللنا بالحديث كاملاً لزم أن يكون الجار له شفعة في بعض الأحوال، وليس له شفعة في بعض الأحوال، يقول جابر ﵁:(فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) فالحديث بيَّن أنه إذا حصلت القسمة ورسمت الأرض بحدودها وصرِّفت الطرق، بأن كان هذا الجانب له طريق والجانب الآخر له طريق فلا شفعة، فيؤخذ من هذا أنهما لو اقتسما وبقي الطريق واحداً لم يُصرَّف فالشفعة باقية، وهذا هو القول الراجح، أن الجار له الشفعة في حال وليس له الشفعة في حال، فإذا كانت الطريق واحدة، أو الماء الذي يسقى به الزرع واحداً، أو أي شيء اشتركا فيه من