الوارث يأخذ بها، والمطالبة أن يقول: أنا أريد أن أشفع، ولي الحق في هذا، والأخذ أن يقول: أخذته بالشفعة، فيصرح بأنه تملكه.
وهذا يشبه من بعض الوجوه الخِطبة والعقد، فالخطبة إبداء الخاطب الرغبة في هذه المرأة، والعقد تملكه إياها بعقد النكاح. فالشفيع إذا مات قبل أن يطالب فإنه لا شفعة له؛ لأنه لم يطالب، ولا لوارثه؛ لأن الشفعة حق للشفيع حيث إن الخيار له، فلما مات ولم يختر لم يكن لوارثه أن يختار، كخيار الشرط.
قالوا: لأنه يشبه مَنْ أَوْجَبَ البيعَ ثم مات قبل قبول المشتري، فإن الإيجاب يبطل، قالوا: وكذلك الشفعة تبطل إذا مات قبل أن يطالب.
ولكن هذا القياس ليس بصحيح؛ لأنه إذا مات الموجب قبل القبول لم يتم البيع، فإن العقد لا يتم إلا بإيجاب وقبول، أما هذه المسألة فإن الشفعة ثبتت بمجرد بيع الشريك، فصارت حقاً للشفيع، وهي متعلقة بالمال لا ببدنه فإنها تبقى لمن ورث المال بعده، ونظير ذلك لو اشترى الإنسان شيئاً وتبين فيه عيب، ولكنه مات قبل أن يطالب به، فللورثة المطالبة به، مع أن صاحب السلعة ـ المشتري ـ لم يطالب، ولكننا نقول: لمّا لم يسقط حقه فإن الرد بالعيب متعلّق بماله الذي ورث من بعده.
فالقول الراجح في هذه المسالة أنه ينتقل حق المطالبة بالشفعة إلى الوارث؛ لأن هذا تابع للملك، فإذا مات الشفيع ولم يطالب فللوارث أن يطالب؛ لأن هذا من حقوق الملك، وإذا كان من حقوق الملك فإن الملك ينتقل بحقوقه، ولهذا نجد